31‏/12‏/2014

#الأمراض_المتلازمات_الإضطرابات

الأمراض، المتلازمات والإضطرابات (Disease vs Syndrome vs Disorders)
د. محمد زيّاد
2014

نتابع معكم في الاصطلاحات التربوية، واليوم نتطرق الى الخلط ما بين العديد من الاصطلاحات ومنها التفريق ما بين "الاضطرابات، والمتلازمات، والأمراض". وسنحاول إظهار الفروقات ما بين الإصطلاحات وفق الطريقة التي اتفق عليها طبياً، وأيضاً بناءً على ما ورد في الدليل الإحصائي للإضطرابات الذهنية (Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders: DSM5).
بداية نتطّرق الى المرض وكيف يعرف طبياً. فالمرض عبارة عن اعاقة للحالة الصحية للكائن الحي أو لعضو محدد لديه والتي تؤدي الى تشويشات ملحوظة في الأداء أو الوظائف الحيوية. وتظهر الحالة الصحية من خلال ظواهر مميزة، وهي استجابة للعوامل البيئية (كسوء التغذية، أو تلوثات صناعية، أو مناخية) أو نتيجة لعناصر في الطبيعة تؤثر على الأداء (مثل الفيروسات والبكتيريا) والتي تؤدي الى أمراض داخلية في الفرد (على سبيل المثال شلل الأطفال والربو)، أو يمكن أن يحصل المرض نتيجة لتفاعل عدة عوامل في آن واحد. ويتميز المرض بعوامل ثلاثة:
(أ) وجود سبب بيولوجي مثبت أو معروف، (ب) تزامن مجموعة من الظواهر التي تميز المرض، (ج) وتغيير ملموس على الوظائف التشريحية للجسم على مر الزمن. وعادة يتم تحديد السبب من وراء الأمراض الجسمانية من الناحية الطبية، مثل سكري الأطفال وأزمة الربو وجهاز التنفس. لكن المشكلة المحيرة أن بعض الأمراض قد تؤدي الى اضطرابات، وهذا يؤدي الى بلبلة في التعريف، خاصة الأمراض التي تتحول الى اضطرابات ذهنية نفسية مثل انفصام الشخصية والاكتئاب الجنوني. ولهذا قد نجد بعض الأطباء يصف لهم أدوية وإن لم يكن هناك تفسير طبي محدد لهذه الحالة، أنما يعمد الطبيب على اعطاء أدوية أو علاجات بناء على تفسيره للحالة، وليس بالضرورة لأنها معرّفة تماماً.
أمّا المتلازمة فهي عبارة عن ارتباط مجموعة من الصفات المعروفة، أو المؤشرات، أو الظواهر التي تظهر متزامنة معاً، وتقود واحدة من هذه المؤشرات أو الظواهر الى الاستدلال على بقية الصفات الأخرى التي تشكّل المتلازمة. وبخلاف الأمراض التي غالباً ما تكون اسبابها معروفة، فإن المتلازمات تعود الى سبب أو أكثر وغير معروف بدقة مصدرها. مثلاً، متلازمة داون، والتي تحدث نتيجة لخلل في الجينات يمكن تحديدها أثناء فترة الحمل، ويمكن الاستدلال عليها خارجياً من خلال مجموعة المؤشرات التي تمثلها، مثل شكل الوجه والعينين واليدين، والوظائف الذهنية المتدنية وغيرها من المؤشرات، إلا أنه لم يعرف بعد السبب الحقيقي لحدوثها، وما يميّزها كمتلازمة أنها تعرف باجتماع عدة ظواهر طبية معاً. وهناك متلازمات أخرى غير معروفة أسبابها طبياً، مثل "التوحد" والذي تظهر مؤشراته في انخفاض المقدرة على التواصل، ومحدودية اللغة وتوظيفها، والاستطراد في الحركات المنوالية وممارسة طقوس يومية. فالمتلازمات، قد تعود الى أي سبب بيئي، ذهني، صحي، أو وراثي، وتنعكس على وظائف الفرد في الحياة.
أمّا بالنسبة للإضطراب، فهو حالة محددة تمس الأداء الوظيفي لعضو من الجسم أو في أحد وظائف الدماغ. وعادة ما يكون السبب لظهور الاضطرابات غير محددة طبياً. ومن بين الاضطرابات المعروفة "إضطرابات الإصغاء والتركيز والحركة الزائدة" (
ADHD)، وعسر التعلّم. فعسر التعلّم، على سبيل المثال، يعتبر اضطراباً وظيفياً محدداً في إحدى وظائف الدماغ كالذاكرة أو اللغة، أو التآزر الحسي-حركي، أو الإدراك البصري أو السمعي. وقد يحدث الاضطراب في أي مرحلة من مراحل العمر، وقد يؤثر على وظيفة محددة، مثل التعلّم والتذكر، ويمكن أن يستمر مدى الحياة.
وللتلخيص، فإن المرض ظاهرة طبية معروفة وعادة تترافق مع ألم وغالباً تحتاج الى علاجات طبية، والمتلازمة يمكن أن يكون لها عوارض طبية لكنها غير محددة المصدر وتتزامن عوارضها معاً لتشكل المتلازمة، أمّا الإضطراب، فهو محدد ويصيب جزء أو عضو معين وتأثيره محدود.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق